samedi 12 mai 2007

دار الموت البطيء


"عندما أستيقض في الصباح أتوجه صوب الحديقة للتأكد إذ ما كانت سيارة الإسعاف أمام بوابة الدار لنقل أحد الأصدقاء إلى رحاب الله عز وجل"عبارات يقشعر لها البدن وينفجر من أجلها بركان من السخط والغضب, عبارات جعلت جملة من الأسئلة تخترق بدون استأذان شفاه كل من أصغت أذناه لها, صاحبها رجل عجوز انحنى ظهره تحث ضربات الأيام والسنون لدرجة أن قدماه لم تعدا قادرتان على حمله, عجوز وهب عمره من أجل تربية أبناءه وتعليمهم, وعندما أصبح في حاجة ملحة لمن يواسيه ويحضنه بالحنان تنكر له الجميع حتى أبناءه من صلبه, لتستقر رحلة شقائه الطويل وغير المجدي بدار مليئة بعجزة كل وقصته وحكايته.

تركته تائها بنظراته غير المحددة يحاول عد أصدقائه ما إذ كان ينقصهم أحد, متوجهة صوب الدار لعلي أجد ضحية أخرى من ضحايا الزمن تاركة ورائي حديقة جافة من كل خضرة أو زهور تشجع النفس على الحياة.

لأصطدم بجدران تشققت وتصدأت من شدة سخطها على الوضع وعلى ما تشاهده من منكر, أثناء تجوالي في الممر التقيت أحد العجزة القاطنين منذ مدة طويلة بالدار إسمه فأر, أضنه لم يسلم هو أيضا من قساوة قلوب أبناءه, حاولت أن أكلمه لكنه هرب لم أعرف لما, هل هو خوف وعدم ثقة بي؟؟ أم أنه كان مسرعا صوب الحديقة لعد أصدقائه هو أيضا؟؟

تابعت تجوالي في الممر مع إطلالة خفيفة على الغرف, لأجد غرفا خالية من أي حياة, لا صور أو زهور تزينها ولا حتى زرابي تؤثثها, بل مجرد سريرين بالين أكل عليهما الدهر وشرب, لأسمع بعد ذلك أنين شخص يطلب المساعدة, توجهت صوب مصدر الصوت لأجد امرأة عجوز ملقاة على السرير تبدو علامات المرض واضحة على محياها, وجدتها تحاول أن تدنو من كأس الماء الموضوع بجانبها, فبادرت بمساعدتها, سألتها بعد ذلك عن مرضها وسبب تواجدها بالدار, لأكتشف على أن سببها يختلف بعض الشيء عن سابقها لأنها كانت ضحية لزوجة ابنها التي لم ترحب بها في عشها الصغير, وبعد مد وجزر بينهما اقترحت الأم على ابنها فكرة دار العجزة وكلها أمل أن يعارضها في ذلك, لكنها اصطدمت بواقع مرير حطم آمالها العريضة, فابنها المصون كان يتمنى ذلك قبل أن تنطق شفتا أمه بها, لم تتقبل الأم الصدمة, فانتابها مرض السكري والضغط الدموي.

تركتها تعاني وحدتها وقساوة مرضها لأتوجه نحو الإدارة, لم أجد المدير المسؤول, لكني وجدت نائبته التي زودتني ببعض المعلومات عن العجزة الوافدين كل يوم, حيث قالت: " يصلنا حوالي 5 لأشخاص في الأسبوع نساء ورجالا, أما بالنسبة لحالة العيش فالبطبع لن تقارن بالبيت لكننا نحاول أن نوفر لهم على قدر المستطاع ما يحتاجونه في غياب أبنائهم الذين يزورونهم مرة في كل حين".

دخلت وكلي أمل أن أجد ما كنت أتصوره من رعاية واهتمام لآباء العاقين, لكني صدمت فخرجت و أنا أدعو الله أن لا يعيدني لدار الموت البطيء هاته.

Aucun commentaire: