samedi 26 mai 2007

المرأة المطلقة سفينة بلا ربان


"بعد مرور سنة كاملة من الزواج بشاب يقطن بكندا, تتوقف عقارب الساعة لتشهد على تتويج هذا الزواج بالطلاق" تستمر سناء التي تقف على أعتاب عامها 25 بنبرات ملئها الحزن ورأس مرخى كلما تعمقت في ذكر ماضيها" خرجت من هذه التجربة مطأطأة الرأس حاملة على كتفي اسما جديدا "مطلقة" اسم يهرب منه الكل, كما لو كان وباءا قاتلا أو مرضا يخشى الاقتراب منه"

عبارات حزينة ختامها أسئلة بريئة لكنها مدمية للقلب, لماذا يقع اللوم على المرأة عند الطلاق؟ لماذا تصبح المطلقة مسلوبة الحقوق والإرادة والخصوصية؟ لماذا تشعر بنبرات اللوم والعتاب ممن حولها؟

أسئلة جعلت دماء سناء تبكي في شرايينها قبل أن تبكي دموعها في عينيها, تبكي في الباطن والظاهر, تزفر آهات وتسقط عبرات, لعل أحدا يحن عليها بجواب يساعدها في محو لقبها الجديد"الطلاق" المجبرة على تحمله, و الذي يحمل في طياته وابلا من طلقات الرصاص المعنوي التي لا تضل طريقها إلى قلب المطلقة, ونادرا ما تنجو أي سيدة تعرضت للاغتيال بهذه الرصاصات من الوقوف ثانية و بسرعة, لأن جراح القلب من الصعب اندمالها, أوحتى إخفاء آثارها مهما اجتهدت في إجراء عمليات التجميل, فهي إن نسيت الفشل في العلاقة الزوجية الذي قد لا تكون المسئولة عنه فسيظل المجتمع يكبلها ويحملها الثمن مدى الحياة.

المطلقة عبئ اجتماعي

تقول عائشة ذات 65" سنة ربة بيت": "فتيات اليوم لسن قادرات على المثابرة من أجل بناء عش يأويهن, فهن ينهزمن أمام أول عائق يصادفهن ليعدن إلى بيوت آبائهن حاملين حقائب مليئة بالجراح والآلام والدموع" لتتابع بنبرات ملئها الافتخار"ماشي فحالنا حنا كنا كنتحملوا الحلو والمر باش نحافظوا على رجالتنا أو مانشتوش العش اللي بنينا", أما حسن الوادي الذي يقف على أعتاب عامه 75 سنة يرفض فكرة الطلاق نهائيا خاصة إذا تعلق الأمر بإحدى بناته حيث يقول: "لم تتجرأ ابنة في عائلتي على طلب الطلاق, كما أني لن أسمح بذلك مع بناتي" و بحركات من عكازه الخشبي يستمر مستطردا في القول" إيوا صافي هاد شي لي بقى غي تغضب ليا وتهز ولادها عندي أوطيل أنا هنا؟ "عبارات تطل على واقع قاس ومؤسف, واقع لا يمكن لأحد ملامسته أو التعرف عليه إلا من تجرع لدغة الطلاق.

صراع المطلقة والمجتمع

وبخصوص نظرة المجتمع للمرأة المطلقة تقول خديجة سنة 26"موظفة بإحدى شركات الإنتاج": ''صراع المطلقة والمجتمع أصل له جذور, فمنذ أن فتحت عيناي وهما يتقمصان دور القط والفأر, فبطلاق المرأة تصبح عرضة لأطماع الناس, ومتهمة بالانحرافات الأخلاقية خاصة وأنها تكون مجبرة على توفير مصاريف العيش لها ولأولادها", وفي نفس الصدد تقول حكيمة عفار ذات 40" سنة ربة بيت لم يسبق لها الزواج": " المرأة المطلقة سواء كانت مذنبة أم لا, فالمجتمع العربي دائما ينظر لها بدونية واحتقار كما أنه يحملها فشل زواجها, إضافة إلى نظرات الريبة والشك في تصرفاتها وسلوكها كما لو أنهم يقولون لها كفي فليس لكي الحق في فرصة ثانية" لتضيف بسخرية " مع العلم أن معظم الرجال في مجتمعنا غير مستعدين من الزواج بامرأة فشلت في تجربة سابقة".

إذن حكيمة عفار ترى أن الرجل العربي غير مستعد لخوض تجربة زواج رفقة امرأة سبقته في ذلك, لكن هل يمكن أن تصدق هذه النظرية؟

يقول محمد الوافي "مسؤول تقني يبلغ من العمر 30 سنة" وملامح الثقة بنفسه تزين وجهه:" صراحة فكرة زواجي بسيدة مطلقة فكرة مرفوضة من الأساس, فالمرأة المطلقة تبقى دائما أسيرة الماضي الذي يشمل مشاكلها مع زوجها السابق وأسباب طلاقها منه, إضافة إلى أن عائلتي لن تبارك هذا الزواج, بحكم التقاليد والأعراف التي تقول على الشاب أن يرتبط بمثيلته"

عالم جديد وحقيقة مفروضة تلمسها كل امرأة مطلقة من مجتمع كانت تأمل فيه خيرا, تمنت في أن يساعدها على ترميم جراحها, وتسديد فاتورة باهظة للزمن الذي أقفل أبوابه في وجهها, تمنت أن يدفعها للسير قدما من أجل الحصول على حياة جديدة, لكن واقعها الجديد فرض عليها الفوز أولا بصك الغفران لجريمة هي ضحيتها.

الطلاق الناجح.

ترى الدكتورة سمية نعمان أستاذة علم الاجتماع بكلية "الآداب بن مسيك" بالدار البيضاء أن العديد من النساء نجحن في الفوز بهذا الصك حيث تقول " لم تعد المرأة المطلقة اليوم هي تلك المرأة المنهزمة والمذلولة سابقا, وهذا راجع إلى التطور الذي طال وضعيتها وحسن دورها في المجتمع, حيث أصبحت لها استقلالية أكبر وحرية في التفكير, مما يجعلها لا تنهزم أمام عواصف ضعيفة كالطلاق" مضيفة القول " والدليل على ذلك أن معظم المطلقات حاليا أعدن بناء حياتهن بشكل أحسن من السابق مستفيدات في ذلك من تجاربهن السابقة "

نعم لا ننكر أن هنالك نساء استطعن مواجهة شبح الطلاق, والتصدي لهوج الرياح كي لا تتحطم السفينة بسبب استقالة الربان من مهامه, وفي هذا الشأن تقول عائشة "45سنة" مهاجرة بالديار الفرنسية "لا أنكر أن طلاقي كان كصفعة مدوية تركت أثرها لمدة طويلة في حياتي, لكن وبفضل عائلتي وابنتي الوحيدة استطعت أن أجعل من هذه الصفعة قوة تساعدني على إتمام حياتي, وهاأنذا أعيش بفرنسا مع زوجي الثاني وفي نفس الوقت أشتغل لأعيل أسرتي وابنتي في المغرب وأوفر لها حياة رغيدة ما كان لأبيها أن يوفرها لها ".

Aucun commentaire: